السبت، 21 مارس 2009

" ماهية تكنولوجيا التعليم "
.
.
إن المتتبع لحركة الفكر التربوي في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي يلحظ عناية واضحة بمفهوم تكنولوجيا التعليم والمحاولات التي بذلت في سبيل البحث عن هوية هذا المفهوم ، بهدف تنقيته من بعض التفسيرات الخطأ، وتحديد أبعاده وحدوده وعلاقته بالوسائل التعليمية والمواد والأدوات والأجهزة المختلفة ، ونظرية التواصل وأسلوب النظم ، وذلك كي تتضح معالمه ويأخذ مكانه الطبيعي بين العلوم التربوية الأخرى بلا خلاف أو جدال . ومن أبرز مظاهر الاهتمام والعناية تلك التعريفات المتتابعة التي ظهرت في كتابات علماء التربية بعامة ، وعلماء تكنولوجيا التعليم بخاصة ، فقد امتازت تعريفات حقبة الستينات بالميل نحو ربط تكنولوجيا التعليم بالأجهزة والأدوات والمعدات الحديثة المتوافرة ، أو التي يجب أن تتوافر في البيئة التعليمية . أما تعريفات حقبة السبعينيات والثمانينات ، فقد حققت خطوات متقدمة فاعتبرت تكنولوجيا التعليم استراتيجية كاملة تهتم بمواجهة مشكلات التعليم من خلال ترتيب بيئة التعلم وتوظيف مصادر التعلم البشرية وغير البشرية لتحديث التعليم وتطويره من منظور " أسلوب النظم " الذي شاع في هذه الفترة كمدخل فعال لحل المشكلات الميدانية .
إن تكنولوجيا التعليم أشمل من أستخدام الأجهزة والمواد التعليمية في مجال التعليم.
إن تكنولوجيا التعليم تتناول جميع مدخلات وعمليات المنظومة التعليمية .
وبناء على ما سبق يكون مفهوم تكنولوجيا التعليم أكبر من مجموعة أجزائه أو مكوناته ، وهذا يتفق والمبدأ الذي ينص على أن " الكل أكبر من مجموعة الأجزاء" . إذن تكنولوجيا التعليم < البرمجيات + الأجهزة والآلات التعليمية
Instructional Technology > Software + Hardware
إذن تكنولوجيا التعليم كمنظومة = البرمجيات + الأجهزة التعليمية + المعلمين + المتعلمين + الأهداف المرجوة + المحتوى التعليمي + أساليب واستراتيجية وإدارة العمل داخل المنظومة + التقويم التربوي + التطوير المنهجي .
structional Technology = Software + Hardware + Skin ware + UnderwearIn
نحو تعريف إجرائي لمفهوم تكنولوجيا التعليم :-يمكنا استقراء التعريف الإجرائي لمفهوم تكنولوجيا التعليم في ضوء التحليل السابق لتعريفات تكنولوجيا التعليم ، وكذلك في ضوء تعريف كل من مفهومي : التكنولوجيا والتعليم، على النحو التالي :-
.
تعريف التكنولوجيا Technology :-
يتكون مصطلح Technology من مقطعين Techno ، Logy والمقطع الأول بادئه معناها فن أو صنعة أو مهارة ، أما المقطع الثاني لاحقه معناها علم أو دراسة . وبذلك يتضح أن مصطلح Technology يعني علم الفنون أو علم الصناعة أو علم المهارات ، أو علم التطبيق أو علم التقنية ، وبذلك يمكن تعريف التكنولوجيا على أنها علم التطبيق المنظم للمعرفة ، ويمكن فحواه في تنظيم المعرفة من أجل تطبيقها في مجالات خاصة كالزراعة والصناعة والطب والتربية ....... الخ . ومن الملاحظ أن هناك خطأ بين مفهوم التكنولوجيا ومنتجاتها ، فلقد ارتبطت التكنولوجيا عند البعض بالأجهزة والآلات التي ظهرت في القرن العشرين ، إذ ينصب معني التكنولوجيا لديهم على الأدوات والآلات والمعدات الحديثة بدءاً من الأدوات الشخصية للفرد إلي الأدوات والآلات والأجهزة التي تستخدم في مجالات الحياة المختلفة مثل التليفزيون ، الكمبيوتر ، الأجهزة التعليمية والطبية والهندسية ، ومعدات البناء والتنقيب عن المعادن والبترول ، وغيرها من المستحدثات التكنولوجية . ويمكن هذا الخلط في النظرة الضيقة للتكنولوجيا ، حيث أقتصر معناها على الأجهزة والآلات والمعدات التي تعد منتجات التكنولوجيا . ومن الملاحظ – أيضاً – أنه كثيراً ما يستخدم لفظ " تقنية " كمرادف للفظ " تكنولوجيا" إلا أننا نرى أن التقنية تشير إلي فنيات تطبيق المعرفة المستمدة من النظريات ونتائج البحوث في مجالات العلوم المختلفة .
.
تعريف التعليم Instruction :-
مجموعة الاستراتيجيات والأساليب التي يتم من خلالها تنمية المعلومات والمهارات والاتجاهات عند الفرد أو مجموعة من الأفراد ، سواء أكان ذلك بشكل مقصود ، أم غير مقصود ، بواسطة الفرد نفسه أو غيره .
.
مفهوم تكنولوجيا التعليم : -
تكنولوجيا التعليم في أوسع معانيها تخطيط، وإعداد، وتطوير، وتنفيذ، وتقويم كامل للعملية التعليمية من مختلف جوانبها ومن خلال وسائل تقنية متنوعة، تعمل جميعها وبشكل منسجم مع العناصر البشرية لتحقيق أهداف التعليم. وعليه، فإن هذا المفهوم لتكنولوجيا التعليم يشمل الأبعاد الثلاثة التالية :-

1- العمليات الإجرائية: مجموعة الخطوات الإجرائية التي تقوم وفق نظام مبني على أساس من العلاقات المتبادلة بين عمليات التخطيط والإعداد والتطوير والتنفيذ والتقويم لمختلف جوانب عملية التعلم والتعليم.

2- الوسائل التقنية بجانبيها الأجهزة (Hardware) والبرمجيات (Software) أما الأجهزة فتشير إلى مجموعة الآلات التي تستخدم في عمليتي التعلم والتعليم مثل أجهزة عرض الشفافيات وعرض الشرائح وعرض الأفلام المتحركة والمسجلات الصوتية والتلفزيون والفيديو والحاسوب التعليمي وما إلى ذلك، في حين تعنى البرمجيات بمجموعة البرامج التي يتم من خلالها تحويل المادة التعليمية من شكلها التقليدي المعروف في الكتاب المقرر إلى الشكل المبرمج، وتتم عمليات البرمجة وفق قواعد وأصول تراعى من خلالها مبادئ مدروسة في التعلم والتعليم والتطوير والإنتاج والتقويم. ويمكن عرض هذه البرامج من خلال أحد الأجهزة السابق ذكرها. ومن أمثلتها الشفافيات والشرائح التعليمية والأفلام المتحركة، وأشرطة التسجيل، وأشرطة الفيديو، واقراص الحاسوب. والتي تعرض من خلال الأجهزة التقنية التالية: أجهزة عرض الشفافيات والشرائح والأفلام المتحركة والمسجلات الصوتية والفيديو والحاسوب التعليمي .
3- العناصر البشرية: من المعروف ان كلا من المعلم والمتعلم يشكلان الطرفين الأساسيين في عمليتي التعلم والتعليم، وفي تكنولوجيا التعليم ينظر إليهما من خلال نظريات الاتصال التي تقترح وجود عنصري الاتصال الأساسيين وهما المرسل أو المصدر، والمستقبل. وقد ركزت نظرية الاتصال على مصطلح المصدر لكي تشير إلى أن مصدر الاتصال يمكن أن يكون بشريا وغير بشري، فربما يكون المعلم وربما يكون الحاسوب أو الفيديو وغير ذلك من الأجهزة التقنية المختلفة، وعليه فإن تكنولوجيا التعليم تقترح وفي حالة اعتماد الأجهزة التقنية كمصادر التعليم هو أحد أهم العناصر البشرية التي تلعب دورا مهما وأساسيا في تصميم وتنفيذ وتقويم مادة التعليم، وتحويلها من مادة خام إلى برمجة تعليمية منظمة وهادفة يمكن عرضها من خلال جهاز تقني مناسب .
.
تكنولوجيا التعليم والتجديد :-
إن النظر لتكنولوجيا التعليم من خلال هذه الأبعاد واعتبارها محصلة للتفاعل فيما بينها، يستدعي إعادة النظر في عدد كبير من معطيات النظام التربوي التقليدي الذي يؤكد على ضرورة وجود المدرس باعتباره احد أهم عناصر النظام التربوي، ولذا فإن تكنولوجيا التعليم في مفهومها الحديث تحمل في طياتها بذور التجديد الذي يستدعي تهيئة مواقف تعليمية جديدة تحتاج إلى تطوير طرق واستراتيجيات وأدوات تعليمية جديدة تتناسب وطبيعة هذا المفهوم، وعليه فإنه ينبغي التأكيد على التكنولوجيا لا كمعدات وأجهزة فقط، وإنما على أنها طريقة في التفكير تهدف إلى الوصول إلى نتائج أفضل باستخدام كل ما من شأنه تسهيل الوصول لتلك الأهداف، لأن تبني تكنولوجيا التعليم في النظام التربوي يستدعي الحاجة إلى التفكير في طرق منهجية منطمة في اختيار التقنيات وتصميمها وتطويرها وإنتاجها واستخدامها استخداماً واعياً مفيداً، كما يستدعي ايضاً ضرورة توعية المدرس بما هية تكنولوجيا التعليم وأهميتها في الميدان التربوي، وتبصيره بالدور الجديد الذي يتوقع أن يلعبه في الميدان، كما يتطلب أيضاً تدريب المدرسين على كيفية التعامل مع التقنيات الحديثة وتزويدهم بطرق تصميم وإنتاج المواد والبرامج التعليمية المنوعة في كافة الموضوعات وعلى مختلف المستويات والمراحل.
ولقد لوحظ أن من أبرز معوقات تبني تكنولوجيا التعليم في الميدان: قلة وعي المدرسين بمفهومها وأهميتها في الواقع العملي، ومن هنا فإن وعي المدرسين بمفهومها وأهميتها في الواقع العملي، ومن هنا فإن وعي المدرسين بمفهوم التكنولوجيا التعليمية وإدراكهم لأهميتها ودورها في تطوير التدريس، من شأنه أن يسهم في جعل التدريس خاصة والمؤسسات التعليمية .
.
التعريف الإجرائي لتكنولوجيا التعليم :-
منظومة فرعية من منظومة التعليم تتضمن مجموعة من العناصر المرتبطة تبادلياً والمتكاملة وظيفياً والتي تعمل جميعها في إطار واحد يستهدف التطبيق العلمي المنظم لمجموعة القرارات التي تتخذ بشأن الإجراءات والعمليات التي يتم من خلالها تنمية المعلومات والمهارات والاتجاهات عند الفرد أو مجموعة من الأفراد سواء كان ذلك بشكل مقصود أو غير مقصود ، بواسطة نفسه أو غيره بغية تحقيق الأهداف المرجوة بأقصي درجة ممكنة من الفعالية والكفاءة .
.
ويؤكد التعريف الإجرائي السابق لمفهوم تكنولوجيا التعليم على ما يلي :-
إن تكنولوجيا التعليم كنظام شأنه شأن الأنظمة الأخرى يبني من أجل غاية أو مهمة محددة، وهو يشتمل على عمليات وعلاقات ، ويتكون من مجموعة من العناصر الجزئية المنظمة مع بعضها البعض ، لتحقيق أهداف محددة سلفاً . ويقصد بالجانب البشري دور الإنسان بوصفه أحد العناصر الرئيسية في العمل سواء كان في موقف الباحث عن المعرفة والمستقبل لها ، أو مقدماً لها وناشراً إيهاها ، فلولاه لما كان للأجهزة والبرمجيات والجانب النظري أية قيمة ، فهو محور العملية التعليمية والغاية النهائية لها ، والهدف الرئيسي الذي ترتكز عليه عملية التعلم ، وذلك بوصفه مستقبلاً للمعرفة، وهو – أيضاً – الذي يخطط وينفذ ويقوم عناصر العملية التعليمية باعتباره – يمثل في حد ذاته – أحد المصادر الأساسية للتعلم ، ومن هنا كانت العناية بإعداد المعلم وتأهيله ثقافياً وأكاديمياً ومهنيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق